Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار

الصفحة الرئيسية » المركز الإعلامي » الأخبار » الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار

الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار-image

الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار

الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار

الضمان الاجتماعي.. نحو المئوية الثانية بثبات واقتدار

الدكتور حازم الرحاحلة*
أكثر من أربعة عقود مرت على إطلاق المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. واليوم، ونحن نحتفل بمئوية الدولة الأردنية، أصبحت هذه المؤسسة مرتبطة ارتباطا وثيقا بكل بيت وأسرة وعامل على ارض المملكة، وتلعب دورا حيويا ومفصليا في دعم اقتصادنا الوطني. فالمؤسسة اليوم تمثل إحدى قصص النجاح الباهرة لمؤسساتنا الوطنية التي بزغت وتطورت وترسخت خلال المئوية الأولى من عمر مملكتنا الأردنية الهاشمية.
منذ نشأتها وانطلاقا من مسؤولياتها واستجابة لمعطيات ومقتضيات الحماية الاجتماعية، عملت المؤسسة وبشكل مستمر على تطوير نهجها وأدوارها وآليات عملها. فبعدما تركزت مسؤوليات المؤسسة خلال السنوات الأولى من إطلاقها على شمول المنشآت الكبرى، أخذت مظلة الضمان الاجتماعي بالتوسع تدريجيا لتشمل المنشآت الأصغر حجما. وفي إطار توحيد أنظمة الحماية الاجتماعية بين العاملين في القطاع العام والخاص، تم في العام 1995 البدء بشمول العاملين الجدد في الوزارات والمؤسسات الحكومية ومن ثم تطبيق النهج ذاته على منتسبي القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية وذلك اعتبارا من العام 2003. كما شرعت المؤسسة بشمول المنشآت التي تشغل أقل من 5 عمال اعتبارا من 2008، ومن ثم العاملون لحسابهم الخاص اعتبارا من 2015.
على مدار العقود الماضية، ترسخت علاقة المؤسسة مع مجتمعنا واقتصادنا الوطني، فالمؤسسة اليوم تؤمن رواتب تقاعدية لنحو ربع مليون أسرة، وتشمل تحت مظلتها أكثر من مليون و300 ألف مشترك. كما كان لها دور كبير في نشأة وتطور العديد من الأنشطة الفاعلة في اقتصادنا الوطني، ومن بينها القطاع السياحي الذي كانت أولى المستثمرين وهو ما شكل حافزا كبيرا لدخول القطاع الخاص الذي تمكن بعد ذلك من تطويره والارتقاء به حتى أصبح يساهم بفعالية في اقتصادنا الوطني. والأمر ذاته ينطبق على العديد من الأنشطة الاقتصادية كالقطاع المصرفي والتعدين وغيرها من الأنشطة.
وبالرغم من كافة الجهود المبذولة لضم جميع العاملين على أرض المملكة تحت مظلة الضمان الاجتماعي؛ ما تزال هناك فئة يقدر حجمها بنحو 35 % من القوى العاملة خارج تلك المظلة، وغالبها يعمل في المنشآت الصغرى أو عاملين لحسابهم الخاص، وهم بالمناسبة من أكثر الفئات حاجة لبرامج وحزم الحماية الاجتماعية. ومن منطلق إدراك المؤسسة لأهمية وضرورة توفير الحماية لتلك الفئات الأكثر هشاشة، وتماشيا مع التوجيهات الملكية في ايلاء اهتمام خاص لتلك الفئات، عملت المؤسسة على مدار العامين الماضيين على تطوير عدد من الانظمة التي من شأنها تسريع وتبسيط إجراءات شمولهم تحت مظلتها. ومن أهم ملامح البرامج المتعلقة بتلك الفئات مراعاتها للقدرات المالية لهم من حيث مرونة الاشتراكات، وآليات السداد، وخيارات تتعلق بالشمول الفوري. ومن الامثلة على تلك البرامج برنامج بادر للمنشآت غير المشمولة بالضمان الاجتماعي، وتلك التي لا تقوم بشمول عمالها بشكل كامل، حيث يمنحهم البرنامج خيار شمول العاملين بشكل فوري دون العودة الى الفترات السابقة من عملهم، وهو ما يعني عدم تحمل هذه المنشآت اشتراكات وفوائد وغرامات عن الفترات السابقة غير المشمولة. بالإضافة إلى ذلك، ستطلق المؤسسة -وتزامنا مع الاحتفال بعيد العمال- برنامجا لشمول العاملين لحسابهم الخاص وفقا للترتيبات الجديدة التي تم اعتمادها في نظام الشمول المعدل، وسيترافق ذلك مع إطلاق برنامج جديد لدعم اشتراكات هذه الفئات بتمويل عدد من الدول والجهات المانحة.
وبالرغم من التحديات الاقتصادية التي شهدها الأردن والعالم خلال العام 2020، إلا أن التعديلات التي طرأت على المنظومة التأمينية والتنسيق المباشر مع مختلف الجهات، اسهمت في شمول أكثر من 22 ألف منشأة جديدة تضم أكثر من 50 ألف عامل. وعليه، فقد وضعت المؤسسة خطة متكاملة لتحقيق هدفها لتوسعة الشمول، التي تستهدف شمول نحو 100 ألف عامل جديد تحت مظلتها بحلول نهاية العام الحالي.
بعد ثلاثة عقود على نشأتها، واستجابة لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني، توسعت مؤسسة الضمان الاجتماعي بمفهوم الحماية الاجتماعية، من خلال التعامل مع بعض الثغرات التأمينية التي كانت حاضرة في قانونها السابق بما يحقق المزيد من العدالة وحماية الفئات الأقل أجرا، فبعد حوار وطني استمر لسنوات، شرعت المؤسسة في العام 2010 إلى اصدار قانون جديد رسخ نهجا جديدا ومعاصرا للحماية والتأمينات الاجتماعية، تضمن استحداث تأمينين محوريين، تأمين التعطل عن العمل وتأمين الأمومة، اللذين أصبحا يضطلعان بدور كبير وفاعل في الحماية الاجتماعية وعززا منظومة سوق العمل. لقد شكل القانون المؤقت للعام 2010، واقرار جانب كبير من مضامينه في قانون 2014، دفعة قوية لصلابة النظام التأميني واستدامته المالية، وأصبحت أية إجراءات إصلاحية يتم اتخاذها لاحقا لتعزيز الاستدامة المالية للمؤسسة اقل حدة واضيق نطاقا.
بحمدالله أصبح الوضع المالي للمؤسسة أكثر رصانة، خصوصا بعد التعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي في العام 2019، الذي جاء ليحد من ظاهرة التقاعد المبكر بين المشتركين الجدد، هذا فضلا عن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها المؤسسة لضبط أي مخالفات لقانونها مرتبطة بعودة المتقاعدين مبكرا إلى سوق العمل دون اشعارها بذلك، وأصبح لدى المؤسسة الآن آليات ومنهجيات أكثر صرامة للتعامل مع هذه الظاهرة التي تؤثر بشكل او بآخر على ديمومتها المالية. اليوم، قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها التأمينية تتجاوز منتصف القرن الحالي ودون أن يتطلب ذلك أي إجراءات أو تدابير إضافية، إلا أن منظور المؤسسة ورسالتها تفرض وضعها على مسار يضمن ديمومتها والعبور بها الى المئوية الثالثة من عمر الدولة بمنظومة متكاملة للتأمينات الاجتماعية.
الرحاحلة: موجودات المؤسسة وصلت الى 11.2 مليار دينار لتشكل نحو ثلث الناتج المحلي الاجمالي تستثمر بتميز وحصافة، ومن المتوقع ان تتجاوز 15 مليار دينار مع منتصف العقد الحالي لتقترب من ما نسبته 40% من الناتج.
اليوم وبعد نحو عشرة اعوام على توسيع التغطيات التأمينية للمؤسسة بتأميني التعطل والأمومة، أصبح التأمين الصحي يتصدر سلم اولويات المؤسسة، استجابة لتوجيهات جلالة الملك وتماشيا مع الخطط الوطنية والالتزامات الدولية في تحقيق التغطية الصحية الشاملة للعاملين والمتقاعدين، وخاصة بعدما اثبتت الجائحة ان ضمان تأمين صحي لجميع العاملين على ارض المملكة وأسرهم، لم يعد ترفا وانما ضرورة تستوجب التحرك وسريعا. ولقد عملت المؤسسة منذ بداية العام الماضي على تطوير تصور لتطبيق التأمين الصحي بالتعاون مع الجهات الحكومية والمؤسسات واللجان الوطنية المعنية. إن أهم ما يميز ملامح هذا التصور هو التدرج بالشمول وحزم المنافع حسب الاولويات والحاجات الحالية لمشتركي الضمان الاجتماعي وعائلاتهم.
وفي خطوة تجريبية باتجاه تحقيق التغطية الصحية والشاملة، ومن منطلق إدراك المؤسسة لمرض السرطان كأولوية صحية، أطلقت المؤسسة وبالتعاون مع مؤسسة الحسين للسرطان برنامجا مشتركا يتيح للمشتركين من الأفراد والمنشآت الانضمام إلى تأمين رعاية للعلاج في مركز الحسين للسرطان.
عملت المؤسسة ومنذ بدايات العام 2019 على وضع خطة متكاملة لتنفيذ مشروع الخدمات الإلكترونية، الذي كان يتطلب حتما إعادة هندسة إجراءات عمل المؤسسة وتجاوز مجموعة كبيرة من الانماط والإجراءات التقليدية. جائحة كورونا دفعت المؤسسة بفرق عملها التي اثبت تميزها بجدارة واقتدار، الى التسريع بوتيرة عمل هذا المشروع حتى تمكنت المؤسسة من إنجازه قبل انتهاء اطاره الزمني المحدد بنحو عام، هذا فضلا عن تمكنها من اتاحة المجال للاستفادة من حزم أوامر الدفاع واسعة النطاق إلكترونيا. اليوم نحو 99 % من خدمات المؤسسة أصبحت متاحة إلكترونيا وتتفوق بكفاءتها ونطاق شمولها على الخدمات المتوفرة في دول المنطقة ومجموعة واسعة من دول العالم. ان إطلاق هذه الحزمة الواسعة من الخدمات تزامن وتكامل مع مشروع الارشفة الإلكترونية الذي أطلقته المؤسسة منذ قرابة عامين بالتعاون والشراكة مع القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، وهو في المراحل الأخيرة لاستكماله في شهر أيار (مايو) المقبل بإذن الله. هذا المشروع يتضمن ارشفة جميع الوثائق التأمينية والمالية والإدارية التي تراكمت على مدار أكثر من اربعين سنة مضت من عمر المؤسسة، وهو ما سيعزز من فاعلية وكفاءة أعمال وإجراءات المؤسسة ويضمن الحفاظ على بيناتها ومعلوماتها.
كما عملت المؤسسة وبالتنسيق مع البنك المركزي وبشراكة مع البنوك العاملة على ارض المملكة على تطوير خدمة جديدة “ايبانك” تسهل من انسيابية ارقام الحسابات البنكية لقاعدة بيانات المؤسسة على نحو يتكامل مع الخدمات الإلكترونية للمؤسسة ويعزز من أمن وحماية المعلومات المصرفية وترسيخ مفهوم الاشتمال المالي. وبعد شهور قليلة على إطلاق هذه الخدمة الجديدة، وصل الى قاعدة بيانات المؤسسة أرقام حسابات بنكية لنحو 300 ألف مشترك ومتقاعد من الضمان الاجتماعي، وتتوقع المؤسسة ان يرتفع هذا العدد إلى نحو مليون مشترك ومتقاعد بحلول منتصف العام المقبل.
بعد عقود مضت على البدء بتطبيق تأمين إصابات العمل، اعتمدت المؤسسة في العام 2019 آلية جديدة لمعالجة وتوفير الرعاية الطبية للعاملين المشمولين الذين يتعرضون لإصابات العمل. فبعد ما كانت المنشأة هي المسؤولة عن توفير الرعاية الطبية للمصاب ومن ثم تتولى المؤسسة بتعويضها عن النفقات التي تكبدتها وما يترافق مع ذلك من اشكاليات تأمينية ومالية، شرعت المؤسسة بتطوير جذري لآلية تقديم الخدمات المرتبطة بهذا التأمين. حيث عملت على إبرام اتفاقيات مع الخدمات الطبية الملكية وغالبية مستشفيات القطاع الخاص العاملة في المملكة، لتتولى القيام بمعالجة العامل حال تعرضه للإصابة لا قدر الله، وتتولى المؤسسة بتغطية كلف المعالجة الطبية بشكل مباشر مع الجهات الطبية المعتمدة دون تحميل المصاب ومنشأته أي التزامات مالية، ولا يتوجب على المنشأة سوى القيام بالتقدم بطلب المعالجة الفورية للمصاب إلكترونيا وتكون الموافقة متاحة عند جميع الجهات الطبية المعتمدة خلال لحظات وآليا دون تدخل بشري.
شكل تأمين الأمومة الذي تم استحداثه في سنة 2010 وبدء بتطبيقه في 2011، أرضية مناسبة لتحفيز المرأة على المشاركة الاقتصادية وتشجيع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على تشغيلهن، فلم تعد الأجور المدفوعة عن إجازة الأمومة تشكل هاجسا عند أصحاب العمل، كون التأمين هو من يغطي بدل اجازة الأمومة. ولتحفيز المرأة العودة إلى العمل بعد انتهاء إجازة أمومتها ومساعدتها على تحمل الكلف المرتبطة برعاية وحضانة طفلها، توسعت المؤسسة بهذا التأمين من خلال المساهمة في كلف الحضانات لفترة تمتد إلى 6 شهور، كما ستطلق المؤسسة خلال الشهر المقبل برنامجا وطنيا لدعم الكلف التشغيلية للحضانات في مختلف محافظات المملكة وفقا لأسس ومعايير تم اقرارها لهذه الغاية.
لغاية اليوم، بلغ إجمالي عدد الأمهات المستفيدات من تأمين الأمومة نحو 72 ألف مؤمن عليها.
تزامن مع استحداث وإطلاق تأمين الأمومة، شرعت المؤسسة باستحداث وتطبيق نموذج نوعي لحماية المشتركين خلال فترة تعطلهم من خلال تأمين التعطل عن العمل، والذي تمكن خلال نحو عقد من الزمن من تأمين مداخيل مرحلية لنحو 111 ألف مؤمن عليه تراوحت مدة استفادتهم بين 3 إلى 6 شهور. التأمين عند تصميمه، كان يهدف بالأساس الى بناء صندوق لمجابهة التحديات والمخاطر المرتبطة بالاقتصاد وسوق العمل وغيرها من التحديات التي قد تبرز من فترة الى اخرى، حيث كانت البدايات في التأمين ضد المخاطر المرتبطة بالتعطل.
تجربة المؤسسة مع جائحة كورونا لم تكن تشكل تحديا بقدر ما كانت فرصة للبناء على التأمينات الاجتماعية التي ترسخت على مدار السنوات والعقود الماضية. ما ميز الإجراءات والتدابير التي اتخذتها المملكة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، أنها كانت استباقية وعلى درجة عالية من التكامل والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالحماية الاجتماعية. لجنة الحماية الاجتماعية واللجان الاقتصادية التي تشكلت وكانت المؤسسة طرفا فاعلا فيها، شكلت إطارا حاكميا ومؤسسيا للتعامل مع الظرف الاستثنائي الذي تعرضت له المملكة، شأنها شأن بقية دول العالم.
المنهجية التي انطلقت منها برامج المؤسسة، ركزت بشكل أساسي على توفير الحماية الاجتماعية المرحلية للمنضوين تحت مظلتها، حاليا وسابقا، فيما تولى صندوق المعونة الوطنية وباقي الجهات المعنية بمحور الحماية الاجتماعية بتوفير المداخيل المؤقتة لباقي فئات المجتمع التي تأثرت بشكل أو بآخر بالجائحة.
المؤسسة هي أيضا من أكثر الجهات المعنية باستقرار واستدامة القطاع الخاص باعتباره العمق الاستراتيجي للضمان الاجتماعي، لذا فقد كانت حريصة على استدامته وتمكينه من الثبات أمام التحديات التي تمخضت عن الجائحة. وعلى نحو لا يقل أهمية، فان تشابك المؤسسة مع الدورة الاقتصادية، بشقيها التأميني والاستثماري، حتم عليها التدخل بإجراءات واسعة حفاظا على عمق وسلامة مركزها المالي والحفاظ على أصولها الاستثمارية.
بهذه المنطلقات تمكنت المؤسسة من الوصول إلى أكثر من مليون و 100 ألف مستفيد بحزمة متكاملة من الإجراءات، يحاكي كل منها طبيعة واحتياجات شرائح مختلفة من المستفيدين، بمبالغ اجمالية وصلت إلى نحو 260 مليون دينار، هذا فضلا عن السيولة الإضافية التي تم اتاحتها للقطاع الخاص والتي تقدر لغاية اليوم بنحو 200 مليون دينار، والتي شملت تأجيل مستحقات الضمان الاجتماعي وتقسيطها دون ترتيب أي فوائد وغرامات واتاحة المجال لمنشآت القطاع الخاص من تخفيض الاشتراكات عليها وعن عمالها بشكل فاعل.
السيولة الإضافية الإجمالية التي تم اتاحتها وضختها المؤسسة في الاقتصاد الأردني منذ بدء الجائحة والتي تقدر بنحو 460 مليون، لم تسعف فقط نحو مليون و 100 ألف مستفيد يعيلون نحو 600 ألف أسرة أردنية، وانما تمكنت أيضا من دعم استدامة وثبات أكثر من 30 ألف منشأة في القطاع الخاص. وعلى نحو لا يقل أهمية، فقد تمكنت هذه البرامج من احتواء جانب من الآثار الاقتصادية المرتبطة بالجائحة، جنبا الى جنب مع باقي البرامج الحكومية والإجراءات الواسعة التي اتخذها البنك المركزي.
إجراءات المؤسسة الفاعلة للتعامل مع تداعيات الجائحة، توجت بانعام صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم على المؤسسة بوسام الملك عبدالله الثاني للتميز من الدرجة الأولى.
السؤال المحوري الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هل اثرت هذه البرامج سلبا في الوضع المالي للمؤسسة؟
لعل هذا السؤال يتطلب اجابة واضحة ومباشرة، وهي بكل تأكيد اجابة نافية. فالبرامج التي تم اطلاقها لم تؤثر سلبا في الوضع المالي للمؤسسة، فجميع هذه البرامج ممولة ذاتيا. فبرامج التضامن تم تمويلها من صندوق تأمين التعطل الذي تمثل أمواله حسابات فردية للمستفيدين ولا تدخل في احتساب الراتب التقاعدي، حيث يتم تعويض المتعطل عن العمل من حسابه في هذا الصندوق والفائض من حسابه هذا يحصل عليه دفعة واحدة عند تقاعده. وقد تمكنت المؤسسة من استخدام اموال هذا الصندوق نتيجة للفوائض الكبيرة التي كان يتمتع فيها والتي كانت تفوق كثيرا حجم المصروفات وكذلك الحال لبرنامجي مساند 1 ومساند 2، والامر نفسه ينطبق على برنامج تمكين اقتصادي 2 الذي تعتبر جميع الاموال المصروفة من خلاله مبالغ مستردة من الحقوق التأمينية للمستفيدين.
اما بالنسبة للبرامج التي تضمنت تخفيضا في الاشتراكات المستحقة لتأمين الشيخوخة، فهي ايضا ممولة ذاتيا كون الفترات المشمولة بهذا التخفيض تنعكس ايضا على الحقوق التقاعدية المستقبلية. فهي معادلة متوازنة، تخفيض في الاشتراكات مقابل انخفاض مكافئ في الالتزامات المستقبلية. النتيجة الاهم التي تقترن بهذه البرامج، انها جاءت داعمة لاستدامة الوضع المالي للمؤسسة، فالمؤسسة معنية بشكل رئيسي باستدامة عمل المنشآت وديمومتها والنمو الاقتصادي واستقرار سوق العمل.
في الخلاصة، لم تكن تدخلات الضمان الاجتماعي للتعامل مع تداعيات الجائحة حالة استثنائية، فالضمان الاجتماعي كان حاضرا في غالية دول العالم، إلا أن ما يميز الإجراءات التي اتخذتها مؤسستنا الوطنية، انها كانت استباقية ترتقي إلى حجم التحديات، وكانت نوعية من حيث آليات استهدافها وادواتها، ولم تكن لتؤثر في المركز المالي للمؤسسة.
إن هذه الإنجازات والتطورات المتسارعة التي قدمتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي خلال العقود الاخيرة من مئوية مملكتنا الحبيبة لتشكل تحديا كبيرا للمؤسسة لمواصلة العمل والتطوير والتحديث خلال المئوية الثانية بما يحقق رسالتها واهدافها الرامية الى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية لكافة العاملين على ارض المملكة ومواصلة التحسين والتطوير في الخدمات التي تقدمها.
نسأل الله التوفيق، وكل عام وأردننا الغالي وجلالة قائدنا المفدى وولي عهده الأمين بألف خير.
*المدير العام للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي