Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

لمّا كانت الغايةُ مِن وجودِ الإنْسانِ تحقيق نَهجِ الاستخلافِ، وكانت مهمّتُهُ الأساسيّةُ إعمارَ الأرضِ لِتعاقُبِ البشريّة عليها، كانَ العملُ هو المُحرِّكُ الرئيسُ لتلكَ المَهمةِ، ولِذلكَ اعتُبِرَ عملُ الإنْسانِ كرامةً لهُ ومحرّكاً للتطورِ، وكانَ لا بدَّ مِن توفيرِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ لهُ أثناءَ تأديتِهِ لعملهِ، كلٌ حسبَ موقعِهِ وذلكَ مِن خلالِ توفير أنظمة التأميناتِ الاجتماعيّةِ التي أتاحتها الدولُ لمواطنِيها.

تتخطى المُؤسَّسةُ العامّةُ للضّمانِ الاجتماعيِّ عَامَها الخامسَ والأربعينَ بعد تحقّقِ الرؤيةِ الملكيّةِ المستقبليّةِ العميقةِ التي نادى بها جلالةُ المغفورِ لهُ بإذنِ اللهِ الملكِ الحُسينِ بنِ طلالٍ – طيّبَ اللهُ ثراهُ – في السادسِ مِن نَيْسانَ عامٍ ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعةٍ وسبعين، بإيجادِ مظلّةِ حمايةٍ اجتماعيّةٍ ترعى حقوقَ العمّالِ والمواطنينَ وتُضفي حِمايةً على تلك الفئاتِ المُنتِجةِ وتمنحُها مزيداً مِن الشعورِ بالأمّنِ والطُمأنينةِ والاستقرارِ مِن خلالِ نظامٍ تأمينيٍّ تكافليٍّ عامٍ يهدفُ لحمايةِ الأشخاصِ اجتماعياً واقتصادياً.

كما استمرَ هذا الاهتمامُ في عهدِ جلالةِ الملكِ عبداللهِ الثاني بنِ الحُسينِ في مقولةِ جلالتهِ “آنَ الأوانُ لأنْ نتعاملَ مع موضوعِ التقاعدِ بالاهتمامِ الذي يستحق… فالمتقاعدونَ أدُّوا واجباتِهم تجاهَ الوطنِ وعلينا أن نضمنَ الحفاظَ على حقوقِهم ومدَّخراتِهم التقاعديةِ”.

واسترشاداً بذلكَ استمرتْ المُؤسَّسةُ في تأديةِ رِسالتِها لحمايةِ الأيدي العاملةِ ورِعايتِها اجتماعياً واقتصادياً بما تمثلُهُ مِن مظلةِ حمايةٍ اجتماعيةٍ تضعُ جُلّ اهتمامِها في الحفاظِ على حقوقِ الطبقةِ العاملةِ، وتوفيرِ المنافعِ والمزايا التأمينيةِ والتقاعديّةِ للمُؤمّن عليهم أو ذويهم في حالاتِ الشيخوخةِ والعجزِ والوفاة وإصاباتِ العملِ والتعطلِ عن العملِ والأمومةِ؛ فالرواتب التقاعديةُ والتأميناتُ الاجتماعيةُ ستكونُ محطَّ اهتمامِها وجوهرَ عملِها.

ونفخرُ اليومَ بالإنجازاتِ التي حقّقتها المُؤسَّسةُ لمشترِكيها فهي تقدمُ خدماتِها لِما يقرُبُ مِن مليونيّ شخصٍ ما بينَ مشتركٍ بالضمانِ، ومتقاعدٍ، ووريثٍ مستحقٍ، مِن ضِمنِهِم ثمانيةٌ وثمانون ألفَ مشتركٍ اختياري؛ نصفُهم تقريباً مِن المغتربينَ الأردنيينَ.

سأستمِرُ خلالَ إدارتي لإحدى أهمّ المُؤسَّسات الوطنيّة “مُؤسّسة الضّمان” التي تُعنى بحمايةِ الإنْسانِ العاملِ بتأديةِ الخدماتِ لمستحقيها وفقَ أفضلِ المعاييرِ والمُمارساتِ الدوليّةِ، كما أنّني سأحِرصُ على إعدادِ الدراساتِ العلميّةِ في القراراتِ الصادرةِ عن المُؤسَّسةِ التي تسعى لوضعِ مصلحةِ مُتلقي الخدمةِ في سُلّمِ أولوياتِها.

وباعتبار أنَّ الرُّكنَ الأساسَ مِن استمراريةِ عملِ المُؤسَّسةِ هو الحفاظُ على ديمومةِ الاستقرارِ الماليِّ لها لتأديةِ رِسالتها الاجتماعيّة والإنسانيّةِ للأجيالِ الحاليةِ والمستقبليةِ، سأكونُ حريصاً في دراسةِ الوضعِ الماليِّ للمُؤسَّسةِ استناداً للدراساتِ الاكتواريةِ الدقيقةِ والفاحِصةِ والمُعلنةِ للجميعِ.

كما سأولي اهتماماً بالشراكةِ الإستراتيجيّةِ ما بينَ المُؤسَّسةِ ومُتلقي الخِدمةِ، وهذا لنْ يتحققَ دونَ إيجادِ حَلقةِ وصلٍ مع مُتلقي الخِدمةِ والمُؤسَّساتِ الرسميّةِ ومنشآتِ القِطاعِ الخاصِ لغاياتِ تطويرِ وتعزيزِ مرتكزاتِ ومفاهيمِ الحمايةِ الاجتماعيةِ، فالمُؤسَّسةُ العامة للضّمانِ الاجتماعيِّ صمَّامُ أمانٍ واستقرارٍ لأبناءِ المجتمعِ وركنٌ أساسيٌ مِن أركانِ الأمانِ الاجتماعيِّ في المملكةِ.

أمَّا على جانب تَوسِعة الشمولِ؛ فإنَّ المُؤسَّسةَ العامة للضّمانِ الاجتماعيِّ لن تألو جهداً في شمولِ كافةِ القوى العاملةِ على أَرضِ المملكة لتحقيقِ الحمايةِ والأمانِ الاجتماعيِّ كحقٍ أصيلٍ لكلِّ عاملٍ على أَرضِ الوطن، وذلك انطلاقاً مِن الدّور الحيوي الذي تُمارِسه المُؤسَّسة في توفيرِ الأمانِ الاقتصاديّ والاجتماعيّ للمُؤمّنِ عليهم المُنضوِين تحت مظلتها.

كما سَتَسعى المُؤسَّسةُ إلى ترجمةِ أهدافِها الإستراتيجيّةِ والمُؤشراتِ والمبادراتِ المنبثقةِ عنها لتعزيزِ مركزها الماليِّ ومدِّ مظلةِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ وتطويرِ كافةِ عملياتِها التكنولوجيّةِ والتميّزِ في إدارةِ مواردِها البشريّةِ للوصولِ إلى المستوى النموذجِ والرائدِ والمميزِ في كافةِ مجالاتِ عملِها، والإسهامِ في تحقيقِ التنميةِ الشاملةِ والمستدامةِ والارتقاءِ بالوطنِ والمواطنِ على الصعيدينِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ.

وستعملُ المُؤسَّسةُ على تعزيزِ شراكتِها مع جمهورِها وتعزيزِ مبدأِ الشفافيةِ بالمعلوماتِ مِن خلالِ توعيتِهم بكافةِ مواضيعِ الضمانِ الاجتماعيّ سواءً عبرَ الشراكةِ الإستراتيجيةِ مع وسائلِ الإعلامِ لنقلِ رسالتِها التوعويةِ، فضلاً عن موقعها الإلكترونيِّ وحساباتها على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ التي يُتابعها اليومَ أكثرُ مِن سبعمئةِ ألفِ شخصٍ.

وأخيراً ستستمرُ المُؤسَّسة في بذلِ قُصارى جَهدِها ومساعِيها ضمن خِطَطٍ واضحةٍ ومنهجيّةِ عملٍ مدّروسة لبلوغِ أعلى مستوياتِ الرّيادةِ وتحقيقِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ التي نطمَحُ إليها، كونَ أن المُؤسَّسةَ البيتُ الآمنُ لكلّ الفئاتِ العاملةِ بكافةِ شرائِحهم وقطاعاتِهم الاقتصاديّةِ، كما أؤكدُ بأنَّ الجميعَ شُركاءُ في إنجاحِها بِصفَتِها مُؤسَّسة وطنيّة رائدة تُعنى بتوفيرِ حياة كريمة لشريحة واسعة مِن المواطنين.

الدكتور محمد صالح الطراونة

المدير العام